وهنا ترجح لدى قائد دورية الاستكشاف (عباد بن بشر) أن الأعرابي عَيْنٌ اليهود ومأجور لهم، فضربه بالسوط ضربات وقال: ما أنت إلا جاسوس لليهود، ثم شدد عليه قائلًا: اصدقنى وإلا ضربت عنقك.
قال الأشجعي: أتؤمننى على أن أصدقك؟
قال عباد: نعم.
قال الأعرابي: القوم (يعني يهود خيبر) مرعوبون خائفون وجِلون، لما قد صنعتم بمن كان يثرب من اليهود، وإن يهود يثرب بعثوا ابن عم لي وجدوه بالمدينة، قد قدم بسلعة يبيعها، فبعثوه إلى كِنانة بن أبي الحقيق يخبرونه بقلتكم وقلة خيلكم وسلاحكم، ويقولون له: فأصدقوهم الضرب، ينصرفوا عنكم، فإنه لم يلق قومًا يُحْسنون القتال! وقريش والعرب قد سرُّوا بمسيره إليكم لما يعلمون من موادِّكم وكثرة عددكم وسلاحكم وجودة حصونكم، وقد تتابعت قريش وغيرهم ممن يهوى محمد، تقول قريش: إن خيبر تظهر، ويقول آخرون: يظهر محمد، فإن ظفر محمد فهو ذل الدهر. . قال الأعرابي (لعباد بن بشر): وأنا أسمع كل هذا، فقال لي كِنانة بن أبي الحُقيَق: اذهب معترضًا للطريق فإنهم (أي المسلمين) لا يستنكرون مكانك، واحزرهم لنا (١) وادْنُ منهم كالسائل لهم ما تقوى به، ثم القِ إلهم كثرة عددنا ومادتنا، فإنهم لن يدعوا سؤالك، وعجّل الرجعة إلينا بخبرهم.
وبعد أن أكمل قائد الدورية (عباد) التحقيق مع الجاسوس أخذه إلى النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - فأطلعه على نتيجة التحقيق واعترافات هذا الجاسوس، فقال عمر بن الخطاب: دعنى أضرب عنقه.
فقال عباد بن بشر: لا. . جعلت له الأمان.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعباد بن بشر: امسكه معك يا عباد. . فأوثقه عباد رباطًا، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر أمر بإحضار الجاسوس فدعاه