للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إلا قَلِيلًا}.

[حديث القرآن عن مواقف المسلمين المشرفة]

ثم ينتقل القرآن من الحديث عن الصورة الكالحة الردئية البغيضة التي كان عليها المنافقون منذ نشوب معركة الأحزاب حتى نهايتها، إلى الحديث عن الصورة الوضيئة المشرقة الرائعة التي ظهر فيها النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - والصفوة من أصحابه يوم أن حاقت بهم المحن وتحالفت ضدهم البلايا وتقاطرت عليهم الرزايا، فصمدوا في وجهها وثبتوا أمام زعازعها ثبوت الرواسي، والتي بدلًا من أن تكون هذه المحن والبلايا لهم مصدر اضطراب وتضعضع وانهيار، كانت مصدرًا للطمأنينة والثقة والإيمان واليقين والاستبشار بنصر الله.

وقد بدأ السياق بذكر الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وهو القدوة الكاملة في الشجاعة والثبات والإيمان وقيادة الأمم إلى شاطئ النصر والظفر عندما تضطرب الأحوال وتتقاطر المحن والرزايا، فقال تعالى:

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.

{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.

ويتحدث القرآن هنا عن هذا النموذج من الرجال الذين (لصلتهم الوثيقة الصادقة بالسماء) لم يزدهم ذلك الكرب الذي نزل بهم - والزلزال

<<  <  ج: ص:  >  >>