المخيف الذي أصابهم في غزوة الأحزاب، إلا صلابة في إيمانهم وصدقًا فيما عاهدوا الله عليه من الصبر والثبات والتضحية في سبيله حتى الموت، عكس ذلك النموذج الفج الهلوع المهزوز الجبان فريق المنافقين الذي لا يقف عند عهد ولا يوفي بميثاق، فقال تعالى:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}. ويعضهم يرى أن هذه الآية نزلت في أنس بن النضر - رضي الله عنه -، وأصحابه الذين ثبتوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معركة أحد، فقد روى الإمام أحمد - بإسناده - من ثابت قال: "عمى أنس بن النضر - سميت به - لم يشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشق عليه، وقال في أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غبت عنه، لئن أراني الله تعالى مشهدًا فيما بعد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرين الله عزَّ وجلَّ ما أصنع، قال: فهاب أن يقول غيرها.
فشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فقال له أنس: يا أبا عمرو أين واهًا لريح الجنة، إني أجده دون أحد، قال: فقاتلهم حتى قتل، قال: فوجد في جسده بضع وثمانون بين ضربة وطعنة ورمية، فقالت أخته - عمتي الربيع ابنة النضر -: فما عرفت أخي إلا ببنانه، قال فنزلت الآية {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ} الآية .. قال فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه - رضي الله عنهم -.
وعلى أي كان الأمر فإن هذه الآية ينطبق ما جاء فيها من وصف على ذلك النوع من الرجال الأبرار الذي ثبتوا بجانب نبيهم في كل المواقف ووفوا بعهدهم الذي عاهدوا الله عليه سواء كانوا أنس بن النضر وأصحابه