وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حريصًا كل الحرص على تنفيذ ما جاءَ في هذه المعاهدة، وفعلًا لم يأْت من جانب المسلمين ما يخالف حرفًا واحدًا من نصوصها.
ولكن اليهود، بعد انتصار المسلمين في بدر أَخذ القلق يساورهم، وازداد حقدهم على الإسلام والنبي - صلى الله عليه وسلم -، وخافوا أَن يجمع النبي الناس على الإسلام، فيهدم بذلك سيطرة اليهود المادية والسياسية المبنية على تفرّق العرب وتناحرهم وعصبيتهم وتقاتلهم المشهور في الجاهلية.
ولهذا عادت لليهود طبيعتهم المشهورة في نكث العهود، وبتك المواثيق، وأخذوا يفكرون (جديًا) في الكيد للإسلام والإطاحة بالنبي وأتباعه، بالرغم من المواثيق التي أَبرموها والعهود التي أَعطوها.
[اليهود ينقضون المعاهدة]
وهكذا صار المسلمون (بعد انتصارهم في بدر) يواجهون سلسلة من المتاعب والقلاقل داخل المدينة التي اجتهد اليهود (يساندهم المنافقون) في إثارتها لإشغال المسلمين وتفريق كلمتهم.
لقد كان الرسول حريصًا على أَن يستتب الأَمن في المدينة. وأَن يتعايش سكانها (علي اختلافهم في الدين) تعايشًا سلميًا كما هي طبيعة دعوة الإسلام وليتفرغ لمواجهة الهجمات التي كان يتوقعها من مشركي العرب، وخاصة أهل مكة الذين بات من المؤكد (لدى المسلمين) أَنهم