أَمسك بالأَعرابي وشدَّه من يديه، وبعد أَن تم القبض عليه، قام أُسيد بن الحضير بتفتيشه فوجد الخنجر مخفيًا داخل إِزاره ... فأُسقطَ في يديه، وصاح خائفًا (بعد أَن اكتشفَ أَمره) دمى: دمى، فأَخذ أُسيد بن الحضير بلبتَّه وكاد يخنقه من الغيظ.
ثم أَجرى التحقيق معه في الحال، وأَثناء التحقيق، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - (وكان كعادته عفوًّا رحيما): أَصدقني ما أَنت؟ قال: وأَنا آمن؟ ، قال - صلى الله عليه وسلم -: نعم، فأَخبره بكامل مخطط المؤامرة، فعفى عنه - صلى الله عليه وسلم - ثم خلى سبيله، فاعتنق الأَعرابي الإِسلام بمحض إرادته.
وقد تحدَّث الأَعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أَن أَصبح عضوًا في الأُسرة الإِسلامية، عما اعتراه ساعة شروعه في تنفيذ الاغتيال قائلًا: يا رسول الله، ما كنت أَخاف الرجال، فلما رأَيتك ذهب عقلي وضعفت نفسي، ثم اطلعت على ما هممت به فعلمت أَنك على الحق، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم.
[السعي لاغتيال أبي سفيان]
وبعد هذه الحادثة استدعى النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أُمية الضمري (وكان فدائيًّا ممتازًا ومشهورًا في الجاهلية بأَنه فاتكًا يخافه الناس) استدعاه - صلى الله عليه وسلم - وكلَّفه بأَن يذهب إِلى مكة لاغتيال أَبي سفيان بن حرب، وندب معه سلمة بن أَسلم (١) (وقيل جبار بن صخر
(١) هو سلمة بن أسلم بن حريش الأوسي الأنصاري، شهد بدرًا واستشهد في العراق تحت قيادة أبي عبيد الثقفي في معركة الجسر الشهيرة.