للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدم التورية في غزوة خيبر]

لم يوري النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر هذه (كما هي عادته في أكثر غزواته البعيدة) بل أعلن التعبئة العامة وأعلم الناس أنه يريد خيبر.

ولعل ذلك راجع (في الدرجة الأولى) إلى أن المسلمين باتوا آمنين على المدينة من أن تكون عرضة لأي هجوم من قبل الأعراب الوثنين المجاورين بعد تلك الحملات العسكرية التأديبية التي جردها عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فخضد بها شوكتهم. . وإلى أن قيام المسلمين بالزحف على خيبر لم يعد سرًّا يمكن إخفاؤه، لأن إليهہود في خيبر (منذ فشل العدوان الآثم الذي دبروه مع الأحزاب على المدينة في السنة الرابعة من الهجرة) وهم يتوقعون أن يقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقل المعركة إلى عقر دارهم في خيبر.

فكانوا لذلك يستعدون للحرب بإقامة المسالح وتشييد الحصون والقلاع وشحنها بالمقاتلين تحسبًا للهجوم المنتظر عليهم. كما أن صلح الحديبية قد أمن به المسلمون جانب قريش.

ولا يستبعد أن يكون اليهود قد بثوا الأرصاد والعيون في المسالك والطرق المؤدية من المدينة إلى خيبر لمراقبة ما يتوقعون من تحركات يقوم بها الجيش النبوى. لقد حدث ذلك بالفعل كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.

[المنافقون طابور اليهود الخامس]

بل إن يهود خيبر ليسوا بحاجة إلى أن يبعثوا بالأرصاد والجواسيس لينقلوا إليهم حقيقة الموقف في المدينة وليبلغوهم كيف ومتى يعتزم النبي التحرك بجيشه لغزوهم.

فقد كان الباطنيون من المنافقين الذين يحملون الهوية الإسلامية في الظاهر والمقيمون بين أظهر المسلمين. . كان هؤلاء المنافقون بمثابة الرَّتْل الخامس العامل لحساب يهود خيبر بين صفوف المسلمين في المدينة.

فقد كان هؤلاء المنافقون (منذ بزغت شمس الإسلام ووصل شعاعه إلى يثرب) يشكلون مع اليهود في المدينة جبهة قوية مناوئة للإسلام والمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>