للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسرة): وحض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على القتال والجهاد، ورغّبهم فيه، وأمرهم بالصدقة، فحملوا صدقات كثيرة، فكان أول من حمل أبو بكر الصديق، جاء بماله أربعة آلاف درهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أبقيت شيئًا؟ قال: الله ورسوله أعلم، وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أبقيت شيئًا؟ قال: نعم، نصف ما جئت به.

وبلغ عمر ما جاء به أبو بكر فقال: ما استبقنا إلى الخير قط، إلا سبقنى إليه، وحمل العباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالًا، وحمل طلحة بن عبد الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مالا، وحمل عبد الرحمن بن عوف إليه مالا، مائتى أوقية، وحمل سعد بن عبادة إليه مالا، وحمل محمد بن مسلمة إليه مالا وتصدق عاصم بن عدي (١) بتسعين وسقا تمرًا، وجهّز عثمان بن عفان ثلث ذلك الجيش، فكان من أكثرهم نفقة، حتى كفى ذلك الجيش مؤونتهم، حتى إن كان ليقال: ما بقيت لهم حاجة، حتى كفاهم شنق أسقيتهم (٢). فيقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ: ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا (٣).

ورغب أهل الغنى في الخير والمعروف، واحتسبوا في ذلك، وقووا أناسًا دون هؤلاء من هو أضعف منهم، حتى إن الرجل ليأتى بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول: هذا البعير بينكما تتعاقبانه، ويأتى الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج (٤).

[اشتراك النساء في التبرع للجيش]

ولم يقصر النساء عن الرجال في مساندة الجيش بالتبرع لإكمال تجهيزه، كل حسب قدرتها والتي لم يكن عندها دراهم أو دنانير، تتصدق بما تتزين


(١) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة بدر).
(٢) شنق جمع شناق، وهو الخيط أو السير الذي تعلق به القربة، والخيط الذي يشد به فمها.
(٣) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٩١.
(٤) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>