كشف المسلم عن وجهه وقال: كيف ترى يا كعب؟ ؟ أنا أبو دجانة (١).
فاختيار النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا دجانة وإعطاؤه السيف من بين جميع أصحابه، يدل على خبرته بالرجال ومعرفته كيف يختار الأكفاء في المواطن الحرجة، والساعات الدقيقة من المعارك الفاصلة.
[كاد يقتل هند بنت عتبة]
ومن عجائب الصدف أن أبا دجانة هذا كاد يقتل تلك المرأة العنيدة هند بنت عتبة زوج القائد العام لجيش مكة التي حضرت لتحريض الناس على سفك الدماء، فقد التقى بها أبو دجانة، وهي بلباس الميدان كالرجال وكاد يفلق رأسها بالسيف، لولا أن أدركتها أنوثتها فولولت عندما أحست بالموت يقترب منها.
وكان أبو دجانة قد تحدث بهذا فيما تحدث به من أخبار أُحد، فقال:"رأيت يوم أُحد إنسانًا يحمس الناس حماسًا شديدًا (أي يحرضهم على القتال) فصمدت له، فلما حملت عليه بالسيف ولول (أي صاح فزعًا)، فإذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أضرب به امرأة، وكانت المرأة هند بنت عتبة"، قال الزبير بن العوام "رأيت أبا دجانة قد حمل السيف على مفرق هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها".
لم يترك المسلمون فرصة للمشركين المنهزمين ليجمعوا صفوفهم التي بعثرتها حملات المسلمين الصاعقة، وكان منظرًا رائعًا (حقًّا) سبعمائة مقاتل يشتتون ثلاثة آلاف مقاتل يفوقوهم في كل شيء إلا الإيمان.