للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج أبو دجانة عصابة الموت، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب، فجعل لا يلقى أحدًا إلا قتله، وكان في المشركين رجل لا يدع جريحًا إلا ذفف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه، فدعوت الله أن يجمع بينهما، فالتقيا، فاختلفا ضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه أبو دجانة فقتله (١).

وقال كعب بن مالك (٢) كنت فيمن خرج من المسلمين، فلما رأيت تمثيل المشركين بقتلى المسلمين (أي بعد الانتكاسة) قمت فتجاوزت، فإذا رجل من المشركين جمع اللأمة (أي استكمل كل عدة حربه) يجوز المسلمين وهو يقول (استوسقوا كما استوسقت جزر الغنم) وإذا رجل من المسلمين ينتظره، وعليه لأمته، فمضيت حتى كنت من ورائه، ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصرى، فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيأة، فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا، فضرب المسلم الكافر ضربة فبلغت وركه وتفرق فرقتين، ثم


(١) البداية والنهاية ٤ ص ١٧.
(٢) هو كعب بن عمرو بن مالك بن القين الأنصاري السلمي الخزرجي، صحابي شهير وكان من أكابر الشعراء المشهورين في الجاهلية وفي الإسلام، كان من شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أحد الذين اشتركوا في إبرام بيعة العقبة، تخلف عن بدر وشهد أحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا تبوك، وكان من الثلاثة الذين تخلفوا وتاب الله عليهم، كما جاء في القرآن الكريم، كان كعب من الذين ساندوا الخليفة عثمان أيام المحنة وحرض الأنصار على نصرته وأنجده يوم الثورة، التزم كعب الحياد في الفتنة التي حدثت بين علي ومعاوية، وقال روح بن زنباع الجذامي أشجع بيت وصف به رجل قومه، قول كعب بن مالك.
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... يومًا ونلحقها إذا لم تلحق
أخرج أصحاب الحديث في كتبهم ثمانين حديثًا لكعب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توفي كعب سنة خمسين هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>