هي مقدمة لعمل عسكري اعتزموا القيام به ضد المسلمين مغتنمين فرصة ما أصابهم في أُحد من جرح وقتيل.
ولكن نجاح حملة حمراء الأسد (١) السريعة التي قام بها النبي (كما تقدم) لمطاردة جيش مكة أثبت لهؤلاء الخصوم بأن المسلمين أثبت وأقوى من أن تنحني هاماتهم أو تتضعضع عزائمهم للمصاب الذي نزل بهم في أُحد، ولذلك خفف هؤلاء الأعداء من غلوائهم في معالنة المسلمين العداء وعادوا (وخاصة المنافقين) إلى التظاهر بالإخلاص للإسلام والرسول مع انطوائهم على بغضهما والكيد لهما.
[إهانة رأس النفاق في المسجد]
فبعد عودة النبي من حملة حمراء الأسد (ظافرًا) وقف رأس النفاق، عبد الله بن أبيّ في المسجد متظاهرًا بتأييد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والدعوة إلى الالتفاف حوله، فقام إليه المسلمون وجرّوه من مكانه، بعد أن أسكتوه وأبلغوه أنه أكذب من أن يصدقه أحد فيما يقول، بعد الذي حدث منه من أعمال وأقوال سيئة ضد المسلمين.
وكأن عبد الله بن أُبيّ بن سلول له مقام يقومه كل جمعة لا ينكر (شرفًا له في نفسه وفي قومه) وكان فيهم شريفًا، إذا جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة وهو يخطب الناس، قام (ابن أُبيّ) فقال:
أيها الناس هذا رسول الله بين أظهركم أكرمكم الله وأعزكم به، فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا ثم يجلس، حتى إذا صنع يوم أُحد ما صنع ورجع بالناس قام يفعل ذلك كما كان يفعله، فأخذه المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا، أجلس أي عدو الله لست لذلك
(١) انظر تفصيل هذه الحملة في هذا الكتاب تحت عنوان (حملة حمراء الأسد).