خوفهم أن تدور الدائرة على المشركين، أو يفشل الجيش المكي في القضاء على المسلمين (كما حدث فعلًا في معركة أُحد)، فينزل بهم (أي المنافقين) عقاب الإبادة، لذلك ظلت قلوبهم مع المشركين وسيوفهم على الحياد، في انتظار النتيجة النهائية للمعركة.
غير أن هؤلاء المنافقين اغتنموا فرصة النكبة التي نزلت بالمسلمين في معركة أُحد، فأخذوا يكاشفون النبي بعداوتهم ويعلنون سخريتهم من الإسلام والمسلمين، الأمر الذي ما كانوا يجرأون على الجهر بشيء منه قبل معركة أُحد.
ففي مساء اليوم الذي انتهت فيه المعركة بدأ المنافقون ينظمون حملات دعائية مسمومة ضد النبي ودعوته ويشككون الناس في الإسلام ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويذيعون بأنه ليس نبيًّا (حقًّا) وإنما هو طالب ملك، كما أنهم أيضًا صاروا يبثون سموم التفرقة بين المسلمين، ويوهمون الناس بأن المسلمين (بعد معركة أُحد) قد ضعفوا وأن سلطانهم آخذ في الانهيار.
قال ابن كثير في البداية والنهاية: وأخذ المنافقون (عند بكاء المسلمين) في المكر والتفريق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحزين المسلمين، وظهر غش اليهود، وفارت المدينة بالنفاق فوران المرجل، وقالت اليهود لو كان نبيًّا ما ظهروا عليه، ولا أُصيب منه ما أصيب، ولكنه طالب ملك تكون له الدولة وعليه، وقال المنافقون مثل قولهم، وقالوا للمسلمين لو كنتم أطعتمونا ما أصابكم الذين أصابوا منكم" أهـ.
ولا شك أن هذه الحملة الدعائية الخبيثة من اليهود والمنافقين