للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لشدة غليان الحقد في تلك القلوب التي لم يكن الإِسلام قد لامسها وطهرها. من رجس الشرك ودنس الوثنية.

[عمرة القضاء أول انتصار معنوى للمسلمين.]

لقد كان قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بأداء مناسك العمرة علي تلك الصورة المهيبة التي دخل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مكة. التي لا تزال حتى تلك السنة تحت سلطان المشركين .. كان أداء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه العمرة في تلك الفترة وعلى تلك الصورة. أول نصر معنوى عظيم. تسجله الدعوة الإِسلامية على باطل المشركين الذين ظلوا يحاربونها (بكل إمكاناتهم المادية والمعنوية والإِعلامية طوال عشرين عامًا) فقد كان أحد من المسلمين عقب هجرتهم من مكة- لا يستطيع مجرد الاقتراب من هذه المدينة المقدسة. لأن ذلك يعني قتله أو حبسه وتعذيبه حتى الموت.

ولكن ها هو محمد - صلى الله عليه وسلم - يجدع أنف كبرياء الشرك فيدخل مكة (رغم أنوف أساطين الوثنية) في ألفين من أصحابه متقلدين سيوفهم وعلى أتم استعداد لقطع يد، بل رأس أي إنسان يفكر في أن يمد يدًا بأي أذى إلى نبيهم الحبيب - صلى الله عليه وسلم - الذي ما كانت قريش الكفر تتصور أنه (وهو الذي خرج من مكة خائفًا يترقب وحيدًا ليس معه سوى صاحبه الوفى الصادق الصديق) سيدخل مكة مرة أخرى. وفي هذه الهيئة العظيمة المهيبة. يحيطه ألفان من رجال. أعطوا العهد على أن يبذلوا أرواحهم رخيصة للذود عنه والدفاع عن دعوته.

[إشاعة الحمى الصفراء الكاذبة]

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في طريقه إلى مكة لأداء مناسك عمرة القضاء هذه. قد بلغه أن أجهزة إعلام القرشيين "لتحط من شأن المسلمين وتظهرهم بمظهر الضعيف المتهالك" قد روجت إشاعة بين جماهير العرب والقرشيين خاصة تقول: إن المسلمين في حالة بؤس وضعف. وأن مرض الحمى الصفراء قد أصابهم فأنهك قواهم. ولذلك نجح زعماء قريش في حمل الجماهير القرشية على عدم الاقتراب من المسلمين والارتفاع إلى رؤوس الجبال لئلا يصابوا (كما

<<  <  ج: ص:  >  >>