للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما وصلوا إلى ثبار (١) في طريقهم إلى المدينة - مع مظهر بن عبد الله الحارثى - قال مظهر لأحدهم: ناولنى كذا وكذا، فأقبلوا إليه جميعهم قد شهروا سكاكينهم فخرج مظهر يعدو إلى سيفه ولكنهم بعجوا بطنه قبل أن يخرج السيف من قرابه، وبعد أن قتلوه عادوا إلى خيبر، فآواهم اليهود وأخفوهم ثم زودوهم وأعطوهم قوة فلحقوا بالشام.

[الخليفة يأمر بجلاء اليهود]

فلما جاء خبر مقتل مظهر إلى الخليفة الفاروق وقف خطيبًا في المدينة وقال: أيها الناس إن اليهود فعلوا بعبد الله ما فعلوا (٢) وفعلوا بمظهر بن رافع مع عدْوتهم على عبد الله بن سهل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا شك أنهم أصحابه (أي مظهر بن رافع) ليس لنا عدو غيرهم، فمن كان له بها (أي خيبر) مال فليخرج فأنا خارج فقاسمٌ ما كان بها من الأموال وحاد حدودها وموف ارفها (٣) ومجلى اليهود منها، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: (أقركم ما أقركم الله) وقد أذن الله في جلائهم إلا أن يأتي رجل منهم بعه أو بينة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أقرَّه فأقِره، فقام طلحة بن عبيد الله فقال: قد والله أصبت يا أمير المؤمنين ووفقت. فقال له عمر: من معك على مثل رأيك؟ قال: المهاجرون جميعًا والأنصار، فسرّ بذلك عمر.

وكان عمر (مع ذلك بلغه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الثقات) أنه قال (وهو في مرض موته): لا يجتمع بجزيرة العرب دينان، فأرسل إلى يهود خيبر و (فدك) يخبرهم بأنه قد قرَّر إجلاءهم إلا من كان عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).


(١) ثبار (بكسر أوله) قال ياقوت: موضع على ستة أميال من خيبر، هناك قتل عبد الله بن أنيس أسير بن رازم.
(٢) كان اليهود قد اعتدوا على عبد الله بن عمر فخلعوا يده وهو نائم فلم يتخذ الخليفة ضدهم أي إجراء.
(٣) الأرف جمع أرفة وهي الحدود والمعالم قاله في النهاية ج ١ ص ٢٨٢.
(٤) انظر مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧١٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>