وبعد أن تكامل حشد الجيش الإسلامى في المدينة وتم تجهيزه تجهيزًا كاملًا بكل ما يحتاجه من سلاح ونقليات من خيل وإبل، بعد التبرعات السخية التي جاد بها كبار أغنياء الصحابة، وشارك فيها مختلف فئات الشعب بمن في ذلك النساء اللواتى كن -بدافع من إيمانهن العميق- يتبرعن ويتصدقن لتجهيز الجيش بحليهن الخاصة .. بعد أن تكامل حشد الجيش هكذا وتم تجهيزه، وبلغ عدده (بعد انسلاخ المنافقين عنه) ثلاثين ألف مقاتل صدرت الأوامر من الرسول الأعظم والقائد الأعلى للقوات المسلحة أن يستعد هذا الجيش للتحرك من المدينة نحو الشمال، وكان الرسول" كما تقدم" أبلغ كل عناصر الجيش قادة وجنودا بأنه يريد بهم غزو الرومان الذين بلغه أنهم يحتشدون بالقرب من الحدود الشمالية. الغربية لجزيرة العرب في منطقة معان، ليقوموا -بمساندة العرب المتنصرة من الحضارمة الكنديين والقضاعيين، واليمانيين الغساسنة المرتبطين بتاج بيزنطا في القسطنطينية- ليشنوا الحرب على جزيرة العرب لحساب الملك هرقل، الذي كان يعيش نشوة انتصاراته الساحقة على كسرى إبرويز الذي هزمه وانتزع منه كل الممتلكات البيزنطية التي كان الفرس قد اغتصبوها في الشام وآسيا الصغرى وأفريقيا.
ولم يكن الملك هرقل متحمسًا لمحاربة المسلمين، لأنه (بما لديه من علم راسخ بالإنجيل) يوقن أن من العبث محاربة المسلمين، لأن محمدًا بن عبد الله الهاشمي رسول مؤيد من عند الله، كما يجدون ذلك مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، وكما أكد هذه الحقيقة للملك هرقل كبير البابوات في رومية "روما" عندما بعث إليه الإمبراطور هرقل يصف له ظهور محمد - صلى الله عليه وسلم - ويسأله ليتأكد ما إذا كان هو النبي العربي المنتظر الذي توجد صفاته