للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكره وضرورة ظهوره في التوراة والإنجيل.

وقد رأينا أن هرقل الملك هذا عندما تسلم كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي يدعوه فيه وشعبه إلى الدخول في الإسلام في السنة الثامنة الهجرية، أخبر مبعوث الرسول - صلى الله عليه وسلم - دحية الكلبى بأن محمدًا هو النبي المنتظر الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في الإنجيل وأكرم دحية غاية الإكرام، واحتفى بكتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحاول إقناع رؤساء الدين وكبار القادة في إمبراطوريته بأن يدخلوا جميعًا في الإسلام، لأن أمره سيظهر على كل من يخالفه، وعسكره سيتغلبون على أية قوة عسكرية تعترض سبيلهم مهما كانت، ولكن كبار القساوسة والرهبان والقادة العسكريين رفضوا "جملة وتفصيلا" نصيحة الإمبراطور هرقل، بل وغضبوا لنصيحته هذه وحاولوا القيام ضده بانقلاب لخلعه، ولكنه بدهائه تمكن من تهدئتهم فسكنوا، وظل على عرش الإمبراطورية حتى شهد وشهدوا، هم التوقعات التي توقعها هذا الملك، حينما سيطرت قوات محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيع ممتلكات الإمبراطورية الرومانية فيما وراء البحار "الشام ومصر وشمال أفريقيا" وكان الملك هرقل في السنة الثامنة الهجرية، قد أخبرهم أن ذلك، سيحدث إذا لم يستجيبوا لنصحه ويدخلوا في الإسلام (١).

الملك هرقل هذا كما "يبدو" لم يكن متحمسا للدخول في أية مواجهة عسكرية مع الجيش النبوي، لعلمه أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - نبي مرسل ومؤيد من عند الله، ولكن يظهر أن كبار السياسيين والقساوسة والقادة العسكريين في جيش الإمبراطورية ضغطوا على الإمبراطور كى يحشد جيوشه على حدود الجزيرة العربية بقصد اقتحامها على المسلمين، وقد فعل مكرها وبدون اقتناع بنجاح هذا الحشد، بدليل أن هذا الملك، لما بلغه وصول الجيش النبوي إلى تبوك القريبة من حدود الشام، فض حشوده وعدل عن فكرة مصادمة المسلمين، وكتب للرسول - صلى الله عليه وسلم - كتابًا رقيقًا مهذبًا يعترف فيه "شخصيًا" بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الرسول المنتظر الذي مر ذكره في الإنجيل، كما سيأتي تفصيله فيما يلي من هذا الكتاب.


(١) انظر تفاصيل قصة الملك هرقل في كتابنا السابع (غزوة مؤتة).

<<  <  ج: ص:  >  >>