وقد لزم باقي اليهود الهدوء وعادوا إلى جحورهم يرتجفون فزعًا، فانطووا على أنفسهم فعمهم الذعر بعد أن وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - من تحرشاتهم ومحاولاتهم العبث بالأمن والاستقرار تلك المواقف الحازمة التي تقضى مصلحة الامة ويفرض النص القرآنى الصريح أن يقفها النبي القائد المسئول من كل مخرب خائن، هذا النص الذي يقضى بالمبادرة إلى ضرب قواعد الغدر والخيانة وشل حركتها قبل أن يتعاظم شرها {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}(١).
فقد كانت محاصرة يهود بنى قينقاع الناكثين ثم إجلاوهم عن المدينة، والتمكن من قتل الطاغية الناكث المتمرد كعب بن الأشرف درسًا قاسيًا وعاه اليهود جيدًا، فاستكانوا، لأنه تأكد لديهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو المسئول الأول عن الأمن والنظام والاستقرار في المنطقة - صلى الله عليه وسلم - والمكلف بحماية دعوة التوحيد من عبث العابثين وتأمر المخربين - لن يتوانى في اللجوء إلى القوة والضرب بعنف حين لا يجدى اللين والنصح والصبر والتسامح، مع من يريد العبث بالأمن والاستهتار بالعهود والمواثيق وعدم احترامها إلا عندما تكون في حاجة إليها.
[استقرار الأحوال في المدينة]
ولهذا - وبعد تلك الضربات السريعة الحاسمة التي وجهها النبي