النفاق، فمنهم من يعامل معاملة المرجفين ومنهم من تترك له فرصة التوبة.
ومنهم صنف شديد الخفاء هو أشد خطرًا وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بالإِحاطة بهم كما قال:(ومن أهل المدينة مزدوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين)(١). ومن العجيب أن المنافقين يمتازون بكثير من الذكاء ولكن نقصهم الخلقى هو الذي يدفعهم إلى المواقف المرذلة، ولولا حب الجاه والمال ومتاع الحياة الدنيا والحسد لكان لهم شأن غير ما هم فيه وهم على اختلاف ألوانهم (بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم. نسوا الله فنسيهم. إن المنافقين هم الفاسقون).
[مسجد الضرار وكر للتآمر]
كان المنافقون دائما أشبه بالجمعيات السرية التي تعمل بتكتم شديد ضد العهد القائم، وكان هؤلاء المنافقون شديدى التكتم في نشاطاتهم التخريبية ضد الإِسلام لئلا يقعوا تحت طائلة القانون الإِسلامي إذا أدينوا بعمل ضده يستحق العقوبة، وكانوا زيادة في الرغبة لتحقيق مآربهم الخبيثة للإطاحة بالإسلام صاروا يظهرون له الولاء ولنبيه بينما يعملون في الباطن على كل ما يضر بالجميع.
وفي جوّ الحرية التي يتمتعون بها لانتسابهم إلى الإِسلام كانوا فيما بينهم يتفوهون بكل ما يريدون ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولكنهم عندما يكونون بين أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتضايقون إذ لا يستطيعون أن يحيكوا ويقولوا ويفعلوا ما يريدون ضد الإِسلام مثلما يكونون منفردين مع بعضهم البعض. وكان في العهد النبوي المسجد هو المكان الذي مفروض على المسلمين غير المرضى والعاجزين أن يجتمعوا فيه جميعا خمس مرات خلال الأربع والعشرين الساعة، وذلك لأداء الصلاة المفروضة. وكان المنافقون يجتمعون في المسجد مع المسلمين في هذه الأوقات وذلك باعتبارهم جزءًا من الأسرة الإِسلامية، وكان اجتماعهم في المسجد كل المرات الخمس هذه