للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمالهم التخريبية وتظاهرهم بالإخلاص للإِسلام والمسلمين جعل من الصعب تمييزهم من بين الصحابة الطيبين إلا في النادر. ولهذا لم ينزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أية عقوبة بأيّ واحد منهم. لأنهم في الظاهر مسلمون، ولا يأتون منكرهم إلا سرًّا. وصفهم الأستاذ أحمد نار في كتابه "القتال في الإِسلام" فقال: هؤلاء هم الذين لا يمكن تبين نياتهم بسهولة، إذ أن ظاهرهم يدل على حسن نيتهم وباطنهم يدل عليه بعض أعمالهم (إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) (١)، ويؤدّون مهمة القاعدين والمخلفين والمرجفين والمعوقين جميعا، وهم ألوان شتى يصعب تمييزهم، إلا أنهم يشتركون في صفات عامة، منها أنهم يتهافتون على إظهار حسن نياتهم وعَواطفهم الطيبة كذبا وخداعا بمناسبة وغير مناسبة، وموافقتهم في المواجهة على كل أمر بغير مناقشة، وهم من وراء ذلك يتلمسون المغامز وينتهزون الفرص فيبيتون ويكيدون، وإذا دعوا إلى الإِنفاق اعتذروا بلباقة، وإن وعدوا سوفوا وإن دعوا إلى الجهاد قالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، يعرفون في لحن القول والتواء القصد، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) (٢).

وهم الذين يتخذون من دون الله ورسوله والمؤمنين وليجة، ويقولون: - إن أصاب المسلمين بلاء - (وما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا) (٣)، ويتخذون ما ينفقون مغرمًا ويتربصون بهم الدوائر، وتراهم يركنون إلى الأعداء ويعملون معهم سرًّا وعلانية ويبتغون عندهم العزة.

ويختلف خطرهم باختلاف نوع النفاق الذي عندهم وعقابهم واحد إلا من كان ضعيفا لا صلة له بالعدو مثل الذين قال الله تعالى في حقهم {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيهِمْ} (٤) وآيات التعرف عليهم في القرآن الكريم كثيرة، وعلاجهم بحسب درجتهم من


(١) البقرة: ١٤.
(٢) البقرة: ١١.
(٣) الأحزاب: ١٢.
(٤) التوبة: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>