للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه من خزاعة حلفاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ولما في قصة هجرة هذه الفتاة البَرّة الصالحة الصادقة الإِيمان من دروس في الثبات على العقيدة ولما في قصة الرجل الخزاعي من شهامة ونبل وأريحية مما يستضاء به في دروب الرجولة الحقة. سنورد هذه القصة بكاملها كما رواها الواقدي.

[أول مسلمة تهاجر بعد صلح الحديبية.]

قال الواقدي: قالوا: لا نعلم قرشية خرجت بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله إلا أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، كانت تحدث تقول: كنت أخرج إلى بادية لنا بها أهلى، فأقيم بها الثلاث والأربع، وهي ناحية التنعيم -أو قالت بالحصاص ثم أرجع إلى أهلى فلا ينكرون ذهابى، حتى أجمعت المسير، فخرجتُ يومًا من مكة كأني أريد البادية التي كنت فيها، فلما رجع من تبعنى خرجت حتى انتهيت إلى الطريق، فإذا رجل من خزاعة فقال: أين تريدين؟ كما ققلت حاجتى فما مسألتك؟ ومن أنت؟ . فقال: رجل من خزاعة. فلما ذكر خزاعة اطمأننت إليه، لدخول خزاعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعقده، فقلت: إني امرأة من قريش أريد اللحوق برسول الله، ولا علم لي بالطريق. فقال: أهل الليل والنهار (١) أنا صاحبك حتى أوردك المدينة. ثم جاءنى ببعير فركبته، فكان يقود بي البعير، لا والله ما يكلمنى كلمة، حتى إذا أناخ البعير تنحّى عنى، فإذا نزلت جاء إلى البعير فقيده في الشجرة وتنحى عنى، حتى إذا كان الرواح جذع (٢) البعير فقربه وولى عنى، فإذا ركبته أخذ برأسه فلم يلتفت وراءه حتى نزل، فلم يزل كذلك حتى قدمنا المدينة، فجزاه الله خيرًا من صاحب، فكانت تقول: نعم الحي خزاعة! قالت: فدخلت على أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا متنقبة، فما عرفتنى حتى انتسبت وكشفت النقاب فالتزمتنى وقالت: هاجرت إلى الله وإلى رسوله؟ . فقلت: نعم، وأنا أخاف أن يردنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين كما رد غيرى من


(١) يعني بذلك: نحن أهل الليل والنهار العارفون بمسالك الطريق ليلا ونهارًا.
(٢) قال في القاموس المحيط: جذع البعير، حبسه على غير علف.

<<  <  ج: ص:  >  >>