للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين، رواه البيهقي من حديث ابن عباس. وهكذا فإن من البدع المذمومة غسل حصى الجمار كما يفعل اليوم كثير من العوام.

وهذا يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالتقاط الحصى من مزدلفة التي ترمى بها فقط ولمرة واحدة جمرة العقبة، أما بقية الجمار فليس من السنة التقاط الجمار لرميها من مزدلفة، بل يكفى التقاطها من منى وكذا الحصى التي ترمى بها جمرة العقبة في اليوم الثاني والثالث فلا يشترط التقاطها من مزدلفة كما يفعل بعض العوام.

[هل وجه المرأة عورة]

وكان - صلى الله عليه وسلم - مردفًا خلفه الفضل بن العباس، وفي طريقه إلى منى عرضت له فتاة خثعمية جميلة، فسألت عن الحج عن أبيها، وكان شيخا كبيرًا لا يستمسك على الراحلة، فأمرها أن تحج عنه، وجعل الفضل ينظر إلى الخثعمية وهي تنظر إليه وكان الفضل جميلًا، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وضع يده الكريمة على وجه الفضل وصرفه إلى الشق الثاني حتى لا ينظر إليها ولا تنظر إليه، ولكن لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بستر وجهها، وفي هذا دليل على أن وجه المرأة ليس عورة إذا لم تزينه بمختلف الزينات، وقد ذهب إلى هذا المذهب كثير من الأئمة، وهو الأقرب إلى الصواب والله أعلم.

فلما وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وادي محسَّر أسرع في السير، وهذه عادته في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه، فوادى محسر هذا حسر فيل الأحباش فيه، أي أعيى وامتنع عن الذهاب إلى مكة، واستمر جيش أبرهة الغاشم المعتدى هناك في الوادي حتى أرسل الله عليهم طير الأبابيل حتى أبادتهم. ولا يدرى أحد على وجه التحديد ما هي المادة التي أبادت هذه الطير بها جيش أبرهة، ويقال: إنها أصابتهم بوباء الجدرى حتى إن الجندى الواحد منهم يتورم ويتنفخ حتى ينفلق فلقتين نتيجة تأثير وباء الجدرى، والله على كل شيء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>