عيونًا وجواسيس جاءوا في صورة وفد للتفاوض - اطَّلعوا على حقيقة الموقف في الحديبية وأخذوا الانطباع الصحيح عن مدى الغليان الشديد بين المسلمين ومدى استعدادهم لخوض المعركة الفاصلة إنْ هي نشبت.
[سهيل بن عمرو يشاهد بيعة الرضوان]
ولعله من حسن طالع قريش أن يكون سهيل بن عمرو وباقي أعضاء وفده حاضرين في الحديبية ساعة مبايعة المسلمين لنبيّهم - صلى الله عليه وسلم - على الموت.
فقد شاهد سهيل وأصحابه إجراءات البيعة، فرأوا مظهرًا من أعظم مظاهر التفاني في خدمة العقيدة، والاستعداد للتضحية والفداء في سبيل الله، فملئت قلوبهم رُعْبًا، وقرّ في أعماق نفوسهم أنه لا يمكن لقريش أن تنتصر على هؤلاء الذين يكاد بعضهم يطأ ظهر بعض وهم يتسابقون ليشدّوا على يد نبيّهم القائد مبايعينه على الموت، والبهجة والفرح والسرور والغبطة تعلو وجوههم.
لذلك عاد سهيل بن عمرو وأصحابه إلى قريش وقدّموا إلى دار الندوة تقريرًا شاملًا عما رأوا وشهدوا في الحديبية، وقد أفصحوا لنواب دار الندوة في هذا التقرير عن مخاوفهم من نتيجة الحرب إذا ما نشبت، وضمنوا هذا التقرير نصح قريش بأن تسارع إلى مهادنة المسلمين وعقد صلح معهم تضع بموجبه الحرب أوزارها.
وقد استجاب نواب برلمان قريش إلى الاقتراح الداعي إلى مصالحة المسلمين، فيعيّنوا منهم وفدًا برئاسة سهيل بن عمرو ليتولى مفاوضة المسلمين من أجل إقامة الصلح.