للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزيرة العربية يفدون إلى المدينة لدخول من تبقى من قبائل العرب في الإسلام.

[أمير ثقيف منهم]

وبعد أن أشرقت قلوب وفد ثقيف بالإسلام وهم في المدينة، وأصبحوا ضمن الأسرة الإسلامية الكبرى. طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعيّن لهم أميرًا يرجعون إليه في الإدارة والحكم ببلادهم ويتولى إرشادهم ويؤمّهم في الصلاة.

فقالوا: يا رسول الله أمِّر علينا رجلًا يؤمُّنا، ولما كان التَفَقُّه في الدين مع الكفاءة في العمل، هو المقياس عند الإِسلام لتولى الأمر فقد اختار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لثقيف أميرًا عليها في بلادها كلها عثمان بن أبي العاص، ولم يمنع الرسول من أن يؤمّر على ثقيف عثمان هذا كونه أصغر رجال الوفد سنًّا، فقد اختاره الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بينهم أميرًا لما رأى من حرصه على الإسلام، وحرصه على تعلم القرآن ولكونه كان أسبق رجال الوفد إلى الدخول في الإِسلام.

فقد عينَه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أميرًا على الطائف كلها، وبعد أن عينَه أميرًا زوده بوصايا نبوية سامية، قال عثمان: وكان آخر عهد عهده إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن اتخَذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا، وإذا أممت قومًا، فأقدرهم (١) بأضعفهم، وإذا صليت لنفسك فأنت وذاك (٢).

وكان أبو بكر الصديق قد أثنى على عثمان بن أبي العاص فقال: يا رسول الله إني قد رأيت هذا الغلام منهم من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن (٣).

وفي رواية أخرى أن عثمان بن أبي العاص قال: كان آخر ما عهد إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعثنى على ثقيف أن قال: يا عثمان تجاوز في الصلاة، وأقدر الناس بأضعافهم، فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة (٤).


(١) أقدرهم (بضم القاف وسكون الدال) أي قدر ظروف الضعيف فيهم بحيث لا تطيل في صلاتك إلى درجة ثشق علي الضعيف بل اجعلها في حدود طاقته من حيث المدة.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٦٩ وسيرة هشام ج ٤ ص ١٨٦.
(٣) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٨٥.
(٤) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>