للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - قيس بن سعد بن عبادة (١) الأنصاري كلفت الفرقة التي يقودها (وكلها من الأنصار) أن تدخل مَكة من جنوبها الغربي (٢) وكان من المقرر أن يقود هذه الفرقة سعد بن عبادة سيد الأنصار. ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عزله من القيادة لتفوهه بكلام أغضب المهاجرين لأنه يتضمن التهديد بأنَّ الأنصار سيستبيحون مكة. فعزله الرسول - صلى الله عليه وسلم - تأديبًا له على قوله ذاك (٣). إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعمَّد أن يخلف سعدًا في القيادة ابنه قيس تطييبًا لنفسه، ولئلا تخرج قيادة الأنصار (وهم العمود الفقرى للجيش) منهم إلى غيرهم.

[من أين دخل الرسول مكة؟]

أمّا الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - فالمرجَّح (حسب سياق المؤرخين) أنه دخل مكة من الناحية التي دخل منها أبو عبيدة بن الجراح. بدليل أن ابن إسحاق ذكر أن أبا عبيدة كان يَنصَبُّ بالصف من المسلمين لمكة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤) وهذا يعني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة من ناحيتها الشمالية الغربية


(١) هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجى أبوه سيد الخزرج كان من شباب الأنصار الشجعان، وكان مثل أبيه ذروة في السخاء والكرم والجود، ومن أمثلة سخائه وجوده أن رجلا استقرض منه ثلاثين ألفًا. فلما ردها عليه أبى أن يقبلها (الإصابة في تمييز الصحابة ج ٣ ص ٢٣٩) وفي صحيح البخاري عن أنس كان قيس بن سعد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير. وقال ابن عبد البر .. كان قيس أحد الفضلاء الجلة من دهاة العرب من أهل الرأي: والمكيدة في الحرب مع النجدة والسخاء والشجاعة. وكان شريفا في قومه غير مدافع وكان أبوه وجده كذلك (انظر قصة سخائه وكرمه في غزوة الخبط من هذا الكتاب) كان قيس حامل بواء الأنصار وقائد إحدى الفرق الأربع التي حررت مكة يوم الفتح. وقال ابن عيينة: كان قيس بن سعد ضخمًا حسنا طويلا. إذا ركب خطت رجلاه الأرض. ساهم في فتح مصر تحت قيادة عمرو بن العاص. شهد أكثر المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من أنصار علي في نزاعه مع أصحاب الجمل ومعاية وكان واليا لعلي على مصر فاستبدله بمحمد بن أبي بكر الصديق. شهد صفين مع أمير المؤمنين علي ولما انفرد معاوية بالأمر وبايعه المسلمون عام الجماعة وقدم قيس على معاوية ذكره بمواقفه مع علي في صفين فأغلظ لمعاوية وكرر ثباته على تأييده لعلي. فاحتمل ذلك منه معاوية وأكرمه توفى قيس في أواخر خلافة معاوية بالمدينة.
(٢) الرسول القائد (خريطة فتح مكة أزاء ص ١٣٣).
(٣) البداية والنهاية ٤ ص ٢٦٥.
(٤) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>