فقد عظم البلاء على المسلمين وتضاعف الابتلاء، واشتد الخوف وانتاب الفزع كل القلوب (تقريبًا)، وبلغ الجزع بأفراد الجيش الصغير (كما حدثنا القرآن) إلى درجة الزلزال، بعد أن أصبح هذا الجيش الإسلامي الصغير -بعد غدر اليهود- بين نارين. . الأحزاب من الإمام. . واليهود من الخلف.
وكأن الله تعالى أراد بهذ البلاء العظيم أن يمتحن هذه الأمة الناشئة التي ستنشئ على كاهلها أعظم دولة عرفها التاريخ، ويوكل إليها مهمة نشر أشرف عقيدة عرفتها الدنيا.
فقد ظهر بهذا الامتحان العظيم الطيب من الخبيث والصادق من الكاذب.
أما المؤمنون فقد ثبتوا على إيمانهم ولم يزدهم توتر الحالة وتدهور الموقف إلا تمسكًا بدينهم والتفافًا حول نبيهم.
[ظهور النفاق داخل جيش المدينة]
أما الذين في قلوبهم مرض والذين يتسترون وراء التظاهر بالإسلام فقد كشفتهم هذه التطورات الخطيرة وظهروا- أمام هذه الامتحان العظيم على حقيقتهم كذابين مخادعين يظهرون ما لا يبطنون.
فقد كانت فئات من هذا النوع الخبيث (كالطابور الخامس (١) داخل
(١) الطابور الخامس، أو الرتل الخامس كما يطلق عليه في العراق، هم جماعة من الناس يكونون معك (ظاهريًا) ومع عدوك (سرًّا). وأول ما استعمل في الحرب الإسبانية الأهلية بين الوطنيين من جهة وبين الشيوعيين، وكانت النتيجة استيلاء قوة فرانكو.