والحقيقة أن المشركين (من الناحية الواقعية) محقون كل الحق في عدم توريط جيشهم بالهجوم على المدينة وأن القائد العام أبا سفيان لم يرتكب أي خطأ من الناحية العسكرية ولم يجانب الصواب عندما صرف النظر عن مهاجمة المدينة، كما يتراءى للبعض (من الوجهة العسكرية).
بل إن أبا سفيان بعمله هذا، قد أثبت بأنه من القادة العسكريين البعيدين عن السطحية الذين لا يستجيبون لداعي الغرور، ولا تستفزهم نشوة الانتصارات العابرة، ومن القادة الذين يقدرون نتائج الأعمال قبل القدوم عليها.
فأبو سفيان عند انسحابه من منطقة أُحد يدرك تمامًا أنه لا يوجد في (تلك اللحظة) ما يحول بينه وبين مهاجمة المدينة أو حتى احتلالها، لأن جيشه في تلك اللحظة كان يفصل بين المدينة وبين جيشها الذي كان لا يزال في مكان المعركة بأُحد مشغولًا بدفن قتلاه وإسعاف جرحاه.
ولكن أبا سفيان (مع إدراكه لهذه الحقيقة) يعلم في قرارة نفسه (كقائد مسئول) ما في مهاجمته المدينة من مغامرة قد تكون سببًا في إهلاك جيش مكة أو تضييع قيمة النصر الأسمى الذي حصل عليه في آخر المعركة بسبب عصيان الرماة لقائدهم.
ذلك أن قائد جيش مكة موقن (تمامًا) بأن النصر الذي سجله المشركون على المسلمين في الصفحة الأخيرة من المعركة، لم يكن نتيجة