ولعل أقوى وأعظم قوة انضمت إلى القوات النبوية المتحركة في الطريق إلى مكة. هي قبيلة بني سليم. بقيادة سيدها وشاعرها وحكيمها عباس بن مرداس. فقد جاء عباس بن مرداس من جبال ووديان بني سليم يقود ألف مقاتل كلهم على متون الخيل ليس بينهم راجل واحد.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما قرّ عزمه على غزو المشركين في مكة - بعث. وهو بالمدينة، الحجاج بن علاط السُّلمى، وعرباض بن سارية إلى قبائل بني سُليم يستنفرهم لكى ينضموا إلى الجيش النبوى دون أن يعلماهم الوجهة التي يريد، تمشيًا مع خطة الكتمان التي انتهجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - منذ قرّ عزمه على غزو قريش.
[النبي يستعرض الجيش في قديد]
وقد جاء بنو سليم كاملى العتاد والعدة، فبالإِضافة إلى كونهم جميعا من الفرسان كانوا كلهم غائصين في الحديد مشرعة رماحهم. فأقبلوا على المعسكر النبوى، وهم ألف على صهوات الخيل تسرع بهم وكأنهم - برماحهم المشرعة - غابة متحركة. فكان منظرهم منظرا رائعا، يهز المشاعر.
وزاد من روعة منظر فرسان بني سليم أن قاموا (وعددهم كما قلنا ألف فارس) باستعراض وقف الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - وهيئة أركان حربه يشهدونه مما كان له أطيب الأثر في نفس الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقادة جيشه. فقد صف بنو سليم خيلهم صفوفًا أمام الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -.
[أسف عيينة بن حصن لعدم اشتراك غطفان في الغزو]
وقد هز منظر فرسان بني سليم مشاعر سيد غطفان عُيينة بن حصن الفزاري. الذي كانت تتبعه في نجد عشرة آلاف رمح. فعندما رأى عيينة فرسان بني سليم يقومون باستعراضهم عض على أنامله. فلما سأله أبو بكر