تحرك الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قلنا- بجيشه من مكة في السابع من شهر شوال عام ثمان للهجرة متجهًا إلى حنين لمواجهة هوازن.
وكان في جيشه البالغ اثنى عشر ألف مقاتل -ألفان من حديثى العهد بالإسلام من أهل مكة. فكثير من هؤلاء لم ينخلعوا (كليًّا) من معتقدات الجاهلية، بل ظلت- من تصورات الوثنية رواسب راسبة في نفوسهم لقرب عهدهم بما كانوا عليه من شرك ووثنية.
ومن هذه الرواسب أن بعضًا ممن كان في الجيش النبوي من حديثى العهد بالإسلام الذين لم يكونوا قد استوعبوه كله، طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يحقق لهم طلبًا .. تحقيقه هو عين الشرك والوثنية.
وخلاصة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بينما كان يتحرك بجيشه بين مكة وحنين، مر الجيش بشجرة عظيمة خضراء، كانت قريش وسائر العرب يعظمونها، يقال لها:(ذات أنواط)، وهنا (وعندما رأوا الشجرة المذكورة) طلب بعضهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم شجرة مثل تلك الشجرة يعظمونها كما يعظم المشركون ذات أنواط، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. مستنكرًا: الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ... إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم.
قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري عن سنان بن أبي سنان الدُّؤلي، عن أبي واقد الليثى أن الحارث بن مالك. قال:
خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية، قال فسرنا معه إلى حنين، قال: وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء، يقال لها: ذات أنواط، يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ويذبحون عندها ويعكفون عليها يومًا. قال: فرأينا ونحن نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سدرة خضراء عظيمة، قال: فتنادينا من جنبات