حنين ضد المسلمين، فقد طاردهم الجيش الإسلامي بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حتى ألجأهم إلى حصنهم المنيع بالطائف، وعندما وجدهم متحصنين وراء الأسوار في الطائف، ضرب عليهم الحصار، على أمل أن يستسلموا، أو أن يتمكن المسلمون من اقتحام حصون الطائف، ولكن الثقفيين صمدوا وقاوموا المسلمين أشد المقاومة.
ولما أدرك الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن لا فائدة من فرض الحصار على ثقيف فك عنها الحصار، ورجع إلى مكة ثم إلى المدينة. على أمل أن يأتي الله بثقيف فتدخل في الإسلام طائعة، وقد تقدم أن بعض الصحابة قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يفك الحصار عن الطائف - ادع الله على ثقيف، فأبى وفعل العكس حيث دعا الله تعالى أن يأتي بها.
[ثقيف تقتل سيدها بعد إسلامه]
وقد ظلت ثقيف على كفرها متشبثة بوثنيتها، وكان مالك بن عوف النصرى الذي قاد معركة حنين الفاصلة ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، كان مالك -بعد أن هداه الله تعالى للإسلام- يتولى القيام بالغارات المسلحة على ثقيف، باعتباره أحد قادة المجتمع الإسلامي، غير أن غارات مالك بن عوف -رغم عنفها- لم تؤثر كثيرًا على موقف ثقيف المعادى للإسلام، لأن ثقيفًا كانت قوة كبيرة تتألف من عدة عشائر متماسكة.
غير أن موقف ثقيف أخذ يتغير نحو الإسلام عندما عاد سيد ثقيف عروة بن مسعود من جرش حيث كان قد ذهب إلى هناك لشراء معدات حربية ثقيلة وللتدرب على صنعها واستخدامها وتركيبها.
كان عروة بن مسعود من أعظم سادات ثقيف ومن أرجحهم عقلًا، وكان المفروض أن يكون قائد ثقيف يوم أن خاضت هوازن حربها الخاسرة ضد المسلمين في حنين.
ولكن عروة كان متغيبًا عن ديار قومه عندما نشبت هذه المعركة، لأن هوازن بعثوه مندوبًا على رأس وفد من ساداتهم إلى جرش (١). لشراء أسلحة
(١) ذكر ياقوت في معجمه أن جرش اسم لموضعين فقال: جرش (بضم أوله وفتح ثانيه) مخلاف =