للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثقيلة (مثل المنجنيق والعرّادات والدبابات).

وكان عروة بن مسعود ووفده العسكري قد ذهبوا إلى جرش، قبل أن يتحرك النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيوشه لفتح مكة، أي قبل معركة حنين التي خسرتها هوازن بحوالى شهرين اثنين.

وقد مكث عروة بن مسعود وبعثته الحربية في جرش حوالي ثلاثة أشهر، تدربت البعثة أثناءها على صنع استخدام الأسلحة الثقيلة، ولذلك فإن سيد ثقيف عروة بن مسعود، لم يعد بهذه الأسلحة الثقيلة من جرش إلى الطائف إلا بعد أن انتهت معركة حنين وفك الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحصار عن الطائف.

كان عروة بن مسعود راجح العقل حليمًا حكيمًا نافذ البصيرة، فعندما عاد من جرش جال بعينى بصيرته فيما دار ويدور في جزيرة العرب من صراع بين الإسلام والوثنية، فأدرك أن ظل الشرك والوثنية آخذ في التقلص بسرعة كبيرة، وخاصة بعد هزيمة قومه هوازن في معركة حنين التاريخية: وهوازن كانت أقوى قوة وثنية ضاربة يمكنها أن تجابه المسلمين في جزيرة العرب، بدليل أن محاربيها الذين خاضوا معركة حنين كانوا عشرين ألفًا، وهو عدد لم يسبق لجبهة وثنية (في الصراع الدائر بين الإِسلام والوثنية) أن حشدت مثلة لمحاربة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جزيرة العرب كلها.

من هنا وبإلهام من الله تعالى أدرك عروة بن مسعود أن الإسلام غالب لا محالة، وأنه لم يبق سوى وقت قصير حتى تصبح الجزيرة العربية كلها قد شملها الإسلام ولفَّها تحت جناحيه. لذلك أضمر سيد ثقيف أن يعتنق الإسلام طائعا مختارًا.


= من مخاليف اليمن، ولم يذكر أن بها تصنع المنجنيقات والدبابات. ثم قال: وجرش. (بفتح أوله وثانيه) اسم مدينة عظيمة كانت (وهي الآن خراب) حدثني من شاهدها وذكر لي أنها خراب، وبها آبار عادية تدل على عظم، قال: وفي وسطها نهر جار يدير عدة رحى عامرة إلى هذه الغاية، وهي في شرقي جبل السواد من أرض البلقاء وحوران من عمل دمشق اهـ. قلت: خرائب جرش وآثارها الرومانية لا تزال قائمة في المملكة الأردنية الهاشمية، وآثارها تدل على أن بها كانت مدنية زاهرة، ومن المحتمل جدًّا أن يكون عروة بن مسعود وبعثته قد ذهبوا إليها لشراء الأسلحة الثقيلة منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>