فاضطر هؤلاء المسلمون المستضعفون - بعد أن تمكنوا من الإِفلات عن سجون مكة - إلى أن يلجأوا إلى مكان يجعلهم في مأمن من الوقوع مرة أخرى تحت سلطان المشركين من أهاليهم الذين نكلوا بهم وأهانوهم لاتباعهم دين الإِسلام ونبذهم دين الوثنية.
[برلمان قريش يبحث أمر الثورة في العيص.]
وعندما استفحل أمر ثوار العيص ضد مشركي مكة عقد برلمان مكة جلسة تدارس فيها الوضع المتردى الذي نتج عن ثورة العيص ضدهم. إلا أنهم في بحثهم وتشاورهم لحل مشكلة هذه الثورة المسلحة وصلوا إلى طريق مسدود.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم تكن هذه الثورة ضمن نطاق سلطان حكومته حتى تحمله قريش مسئوليتها وتطلب منه إيقافها تنفيذًا لشروط صلح الحديبية. بل إن هذه الثورة لم يندلع لهبها ضد مشركى مكة إلا بسبب أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفّى لقريش بشرطها فرفض قبول هؤلاء الشباب وإيواءهم في المدينة رغم أنهم مسلمون هاجروا من مكة فرارًا بدينهم.
وقريش ليس في مقدورها أن تجرد الجيوش لقمع ثورة هؤلاء الثوار في العيص من أبنائها. فما العمل إذن؟ .
تداول زعماء قريش الرأي فيما بينهم (بدار الندوة) فاتفقوا على أنه لم يكن من سبب للمتاعب الخطيرة التي يعانون منها سوى الشرط المتعسف الذي أملاه كبرياؤهم الجاهلي فأصروا على إدراجه ضمن شروط الصلح في الحديبية. والذي يلزم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يؤوى ولا يقبل أحدًا من أبنائهم جاءه إلى المدينة وأن يعيده إليهم (إذا طلبوا تسليمه) حتى وإن كان مسلمًا.