للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقومه، فقد قال هؤلاء المتطرفون: هذا بدَيل وأَصحابه إنما جاؤوا يريدون أَن يستخبروكم، فلا تسأَلوهم عن حرف واحد.

فلما رأَى بُدَيل وأصحابه أَنهم لا يستخبرونهم قال بُديل: إِنا جئنا من عند محمد، أَتحبُّون أَن نخبركم؟ فقال عِكرِمة بن أَبي جهل والحكم بن العاص: لا والله ما لنا حاجة بأَن تخبرنا عنه، ولكن أَخبروه عنا أَنه لا يدخلها علينا عامه هذا أَبدًا حتى لا يبقى منا رجل.

وكان عروة بن مسعود سيد ثقيف حاضرًا يسمع ما يدور من حديث بين وفد خزاعة والمتطرفين من قريش، لأَن عروة حليف قريش، وجاءَ من الطائف بقومه ليساندها عسكريًّا ضد المسلمين إذا ما نشبت الحرب بينهما.

لا يفلح قوم فعلوا هذا أبدًا:

إلا أَنه كسيِّد حاذق محنَّك ذي عقل راجح وتجارب عديدة استهجن صنيع عِكْرِمة بن أَبي جهل والمتطرفين من الشباب القرشي الطائش فقال: والله ما رأَيت كاليوم قط رأَيًا أعجب، وما تكرهون أَن تسمعوا من بُدَيل وأَصحابه؟ ، فإِن أَعجبكم أَمر قبلتموه، وإِن كرهتم شيئًا تركتموه، لا يفلح قوم فعلوا هذا أَبدًا.

وقد مال عقلاءِ مكة وأشرافها (فيهم الحارث بن هشام (١) وصفوان بن أُمية) إِلى الأَخذ بنصيحة عروة بن مسعود، فأَسكتوا المتطرفين من


(١) هو الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، أبو عبد الرحمن المخزومي, أَخو أبي جهل وابن عم خالد بن الوليد, كان من أشراف مكة في الجاهلية، مدحه الشاعر اليهودي كعب بن الأشرف عندما جاء إلى مكة يحرض قريشًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>