للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرنا حتى قضى الله فيه ما قضى (١).

[تاريخ القدوم من تبوك]

وذكر الواقدي فقال: قالوا: وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة في رمضان سنة تسع. فقال: الحمد لله على ما رزقنا في سفرنا هذا من أجر وحسنة ومن بعدنا شركاؤنا فيه. فقالت عائشة: يا رسول الله، أصابكم السفر وشدة السفر ومن بعدم شركاؤكم فيه؟ .

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن بالمدينة لأقوامًا ما سرنا من مسير ولا هبطنا واديًا إلا كانوا معنا حبسهم المرض، أوليس الله تعالى يقول في كتابه: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} (٢) فنحن غزاتهم وهم قعدتنا. والذي نفسي بيده لدعاؤهم أنفذ في عدوّنا من سلاحنا.

قالوا: وجعل المسلمون يبيعون سلاحهم ويقولون: انقطع الجهاد،

فجعل القوم منهم يشتريها لفضل قوته، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنهاهم عن ذلك وقال: لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال.

وذكر ابن كثير فقال: قال علي بن طلحة الوالبى عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣) قال: كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فلما حضروا رجوعه أوثق سبعة منهم أنفسهم بسوارى المسجد فلما مر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من هؤلاء؟ ) قالوا: أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك حتى تطلقهم وتعذرهم قال: وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، رغبوا عنى وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين، فلما أن بلغهم ذلك، قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الآية. قال ابن كثير: وعسى من الله واجب، فلما أنزلت أرسل إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقهم


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٥٦.
(٢) التوبة: ١٢٣.
(٣) التوبة: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>