أمسك عليك بعض مالك، هو خير لك. قال: قلت: إني ممسك بسهمى الذي بخيبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا، قلت: النصف، قال: لا، قلت: فالثلث، قال: نعم، قال: إني يا رسول الله أحبس سهمى الذي بخيبر. قال كعب: قلت: يا رسول الله إن الله عزَّ وجلَّ أنجانى بالصدق، فإن توبتى إلى الله أن لا أُحدث إلا صدقًا ما حييت. قال كعب: والله، ما أعلم؟ أحدًا من الناس أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل مما أبلانى، والله ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومى هذا، وإني لأرجو أن يحفظنى الله عزَّ وجلَّ فيما بقى. وقال كعب وكان شاعرًا:
سبحان ربي إن لم يعف عن زللي ... فقد خسرت وتب القول والعمل
ثم قال كعب: فوالله ما أنعم الله على من نعمة قط إذ هدانى للإِسلام كانت أعظم في نفسي من صدقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا أكون كذبته يومئذ، فأهلك كما هلك الذين كذبوه. قال الله تعالى في الذين كذبوه حين أنزل عليه الوحى شر ما قال: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (١).
قال كعب: وكنا خلفنا آيها الثلاثة عن أمر هؤلاء الذين قبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حلفوا فعذرهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(١) صحيح البخاري ج ٦ ص ١٩ - ٢٠ - ٢١ - ٢٢ - ٢٣ - ٢٤ - ٢٥ ومغازى الواقدي ج ٣ ص ١٠٤٩ - ١٠٥٠ - ١٠٥١ - ١٠٥٢ - ١٠٥٣ - ١٠٥٤ - ١٠٥٥ ١٠٥٦ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٧٥ - ١٧٦ - ١٧٧ - ١٧٨ - ١٧٩ - ١٨٠، وإمتاع الأسماع ص ٤٨٥ - ٤٨٦ - ٤٨٧ - ٤٨٨ وزاد المعاد - ج ٣ ص ٢١ - ٢٢ - ٢٣ - ٢٤ - ٢٥ - ٢٦ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٣٣ - ٢٤ - ٢٥ - ٢٦ وجوامع السيرة ص ٢٥٥ وتاريخ الطبري ج ٩٣ الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ١٩٢ - ١٩٣ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ١١١ وتاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٨٢٢ وبهجة المحافل ج ٢ ص ٣٥ - ٣٦ - ٣٧ - ٣٨ - ٣٩ - ٤٠ - ٤١ - ٤٢ - ٤٣ وحياة محمد ص ٤٦٠ - ٤٦١ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٨ - ٢٦٩ - ٢٧٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٦٧.