على هؤلاء النفر، كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية. فخرج أبو بكر فواى على سلع فصاح: قد تاب الله على كعب يبشره بذلك.
وخرح الزبير بن العوام على فرسه في بطن الوادي فسمع صوت أبي بكر قبل أن يأتي الزبير، وخرج أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل إلى هلال يبشره ببنى واقف، فلما أخبره سجد، قال سعيد: فظننت أنه لا يرفع رأسه حتى تخرج نفسه، وكان بالسرور أكثر بكاء منه بالحزن حتى خيف عليه، ولقيه الناس يهنئونه، فما استطاع المشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ناله من الضعف والحزن والبكاء، حتى ركب حمارًا، وكان الذي بشر مرارة بن الربيع سلكان بنن سلامة أبو نائلة، وسلمة بن سلامة بن وقش، ووافيا الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من بني عبد الأشهل، ثم انطلقا إلى مرارة فأخبراه، فاقبل مرارة حتى توافوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال كعب بن مالك: وكان الصوت الذي سمعت من الفارس الذي يركض في الوادي - وهو الزبير بن العوام - والذي صاح على سلع - يقوق كعب -: كان رجلا من أسلم يقال له حمزة بن عمرو، وهو الذي بشرني. قال: فلما سمعت صوته نزعت ثوبى فكسوتهما إياه لبشارته، والله ما أملك يومئذ غيرهما، ثم استعرت ثوبين من أبي قتادة فلبستهما، ثم انطلقت أتيمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتلقاني الناس يهنئوننى بالتوبة يقولون: ليهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المجلس ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس، فقام إلى طلحة بن طلحة فحياني وهنأني، ما قام إلى من المهاجرين غيره - فكان كعب لا ينساها لطلحة.
قال كعب: فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي ووجهه يبرق من السرور: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، ويقال قال له: تعال إلى خير يوم ما طلع عليك شرقه قط، قال كعب: أمن عندك يا رسول الله، أو من عند الله؟ فقال: من عند الله عزَّ وجلَّ، قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سر يستنير حتى كأن وجهه فلقة قمر، وكان يعرف ذلك منه. فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتى إلى الله وإلى رسوله أن أنخلع من مالى إلى الله ورسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: