للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأعاجم، ثم. ذكرت عائدتك وفضلك وبرّك وصفحك عمن جهل عليك، وكنا يا رسول الله أهل شرك فهدانا الله عزَّ وجلَّ بك، وأنقذنا بك من الهلكة، فاصفح عن جهلى وعما كان يبلغك عنى، فإني مقر بسوء فعلى معترف بذنبي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد عفوت عنك، وقد أحسن الله بك حيث هداك للإِسلام، والإِسلام يَجُبُّ ما قبله (١).

وقال الزبير بن العوام: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر هبارًا قط إلا تغيظ عليه، ولا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية قط، إلّا قال: إن ظفرتم بهبار فاقطعوا يديه ورجليه ثم اضربوا عنقه. والله كنت أطلبه وأسأل عنه، والله يعلم لو ظفرت به قبل أن يأتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقتلته. ثم طلع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عنده جالس، فجعل يعتذر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول: سُبّ يا محمد من سبك وأوذى من آذك، فقد كنتُ موضعًا في سبك وأذاك وكنت مخذولًا، وقد نصرنى الله وهدانى للإِسلام. قال الزبير: فجعلت أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنه ليطأطى رأسه استحياء مما يعتذر هبّار، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قد عفوت عنك، الإِسلام يجبّ ما كان قبله. وكان هبار لسنا. وكان يُسَبُّ حتى يبلغ منه فلا ينتصف من أحد فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلمهُ وما يحمل عليه من الأذى، فقال: هبّار سُبَّ من سبك (٢).

[إسلام ابن الزبعرى]

أما عبد الله بن الزبعرى، وهبيرة بن أبي وهب. فقد كانا من سادات المشركين في مكة وذوى الشأن فيها، إلا أنه لم يصدر بحقهما حكم الإعدام كما صدر بحق ابن الأخطل وهبار بن الأسود وابن منقذ، ولكنهما، (رغم ذلك)، خافا على أنفسهما فهربا من مكة يوم الفتح، وكان ابن الزبعرى شاعرًا مجيدًا يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٥٨ طبعة أكسفورد، تحقيق الدكتور مارسدن جونس.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>