للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الغزوة تحقق أهدافها]

كانت التقارير -كما أشرنا فيما مضى- تؤكد أن قبائل قضاعة وبلى وعذرة الموالية للإِمبراطورية الرومانية تحتشد على حدود جزيرة العرب مما يلي الشام لغزو المدينة. فسارع النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعث بعمرو بن العاص ثمَّ أمده بمائتى مقاتل. فتكامل له من المقاتلين الصحابة خمسمائة.

وعندما استكمل هذا العدد للقائد عمرو. شرع في مهاجمة هذه القبائل المعادية واجتياح ديارها الواحدة بعد الأخرى. وقد نجح في تشتيت جموعها وخضد شوكتها وتدويخها فأزال بذلك من أذهان قادتها فكرة القدرة على مهاجمة المدينة.

فقد ذكر المؤرخون أن جموع قضاعة وبلى وعذرة وبلقين - رغم كثرتهم ورغم مساندة الرومان لهم بالمال والسلاح - قد عجزوا عن مواجهة جيش عمرو بن العاص. حيث لم يصمدوا إلا قليلًا ثمَّ شردوا ممزقين في كل سهل وجبل. تاركين ديارهم وأموالهم التي وقعت غنيمة في أيدى المسلمين.

وقد استمر عمرو بن العاص في مطاردة هؤلاء الأعراب حتى انتهى في مطاردته إلى آخر بلادهم ولم يلق أثناء مطاردتهم إلا مقاومة قليلة سحقت في الحال. وبعد أن انتهى جيش عمرو من مطاردة القوم إلى آخر بلادهم. أمر القائد عمرو بإيقاف المطاردة وأراد المسلمون أن يستمروا في تتبع المشركين فمنعهم عمرو خوفا من أن يقعوا في كمائن ينصبها الأعداء.

قال الواقدي: يصف انتصار المسلمين في هذه الغزوة -: فآب إلى عمرو جمع - فصاروا خمسمائة - فسار الليل والنهار حتى وطئ بلاد بلى (١) ودوخها وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنَّه كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا به تفرقوا. حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلى وعذرة (٢) وبلقين (٣). ولقى


(١) قبيلة بلى (بفتح أوله وكسر ثانيه) هي أعظم قبائل قضاعة.
(٢) عذرة (بضم أوله وسكون ثانيه) قبيلة عظيمة من قضاعة.
(٣) بلقين (بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثة) قبيلة من العرب المستعربة كانوا تبعًا للدولة الرومانية. كذا قال في معجم قبائل العرب. ولم يذكر أي تفاصيل عن نسبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>