للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له شأنها وقال أعطيت دحية صفيّة سيدة قريظة والنضير، أنها لا تصلح إلا لك، فقال: ادعوه بها، فلما نظر إليها قال: خذ جارية من السبى غيرها، ففعل، واصطفاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه حيث تزوجها بعد أن أعتقها (١).

وبهذا الزواج الاختيارى (٢) أصبحت صفيّة بنت حيى بن أخطب (سيد يهود بني النضير وألد أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم -) إحدى أُمَّهات المؤمنين، تتساوى في جميع الحقوق مع عائشة بنت أبي بكر الصديق وحفصة بنت عمر بن الخطاب وكل زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -.

[تفنيد تهمة خبيثة]

وبهذه المناسبة هنا نقطة لا بد من الإِشارة إليها وتوضيحها، وهي أن حادثة استرجاع النبي - صلى الله عليه وسلم - صفية من دِحْية الكلبى واصطفائها - صلى الله عليه وسلم - لنفسه زوجة قد جعلت بعض مرضى النفوس (وخاصة أعداء الإِسلام من اليهود وغيرهم) يتهمون الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما استرجع صفيّة وتزوجها إلا بدافع رغبة جسدية.

بينما الحقيقة التي يؤكّدها سياق القصة هي أن الدافع لجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - صفية زوجة له أسمى وأشرف من ذلك، وهو أن صفية بنت ملك وزوجة ملك، ومثلها لا يوهب كما توهب السبايا الأخريات.

ولهذا استرجعها النبي - صلى الله عليه وسلم - من دِحْية، مما يدل على الباعث الإِنسانى النبيل الذي فيه تكريم لهذه السيدة العظيمة في قومها، وذلك حسب القاعدة الإسلامية الشريفة (أكرموا عزيز قوم ذل) .. وليس أكرم لها وأجبر لخاطرها من أن تكون زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - بدلًا من أن تكون مملوكة عند رجل من عامة الناس.

بل إن هناك ما هو أقوى في الدلالة على أن باعث استرجاع النبي - صلى الله عليه وسلم - لصفية من دحية الكلبى ليس الرغبة الجسدية كما يدَّعى مرضى


(١) سمط النجوم العوالى ج ٢ ص ١٦٠.
(٢) انظر السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٨ وإمتاع الأسماع ص ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>