للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نشوب خلاف بين المهاجرين والأنصار أثناء الطواف]

وبينما كان المسلمون خلف نبيهم - صلى الله عليه وسلم - يطوفون بالبيت على ذلك المستوى من العزة والقوة (وكانت أغلبيتهم الساحقة من الأنصار). أخذ الحماس بمجامع نفس أحد سادات الأنصار وهو عبد الله بن رواحة (١) الذي كان آخدًا بزمام القَصواء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان يطوف عليها بالبيت .. أخذ الحماس من نفس عبد الله بن رواحة فأرسلها من داخل المسجد أثناء الطواف صيحة حرب في وجه قريش في أبيات من الشعر قالها مرتجزًا وهو يطوف وهي:

خَلوا بني الكفار عن سبيله ... إني شهدت أنه رسوله

حقًّا وكلُّ الخير في سبيله ... نحن قتلناكم على تأويله

كما ضربناكم على تنزيله ... ضربًا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله (٢)

وقد ألهبت هذه الأبيات الحماسية المثيرة مشاعر بعض الصحابة. فتحركت نوازع الحرب ضد قريش. فخاف ابن الخطاب أن يكون في قول ابن رواحة دعوة للحرب. وهو ما يخالف اتفاقية صلح الحديبية. فقال عمر بن الخطاب (كالمحذر لابن رواحة): يابن رواحة؟ . -أي ما هذا الذي تقول؟ . وكان قالها كالمحتج فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ما وجه ابن الخطاب من تحذير إلى عبد الله بن رواحة. فقال - صلى الله عليه وسلم - يا عمر إني أسمع. فسكت عمر .. ثم أمر الرسول الحكيم - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة أن يبتعد في أقواله عن ما يثير العواطف نحو الحرب: إيها يابن رواحة قل: لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فقالها وقالها الناس (٣).

وذكر الدارقطني أن عمر بن الخطاب، حين سمع عبد الله بن رواحة يقول ذلك الشعر قال: مه يابن رواحة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي حرم الله تقول الشعر؟ .


(١) انظر ترجمة عبد الله بن رواحة في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤١ ص ١٣.
(٣) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٨١ ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٧٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>