للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يقرع عمه بقائم السيف]

وكان من عادة العرب في الجاهلية أَن يمسك الزي بلحية الذي يراه نِدًّا له أَثناء الحديث، وعلى هذه القاعدة، كان عروة بن مسعود يمسك بلحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَثناءَ المناقشة .. الأمر الذي استهجنه المغيرة بن شعبة، فانتهر عمه وزجره وقرع يده بقائم السيف قائلا:

اكفف يدك عن مسِّ لحية رسول الله قبل أَن لا تصل إليك فاستعظم عروة (الزعيم) هذا التهديد من الحارس المغيرة قائلا:

ويحك ما أَفظَّك وأَغلظك.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتسم للذي يجري بين عروة المشرك وبين بن أَخيه المسلم.

ولما كان المغيرة لابسًا عُدةً الحرب ومكفَّرًا بالدرع لم يعرفه عمَّه عروة، ولذلك سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يكاد يتميَّز من الغيظ -: (يا محمد ليت شعري من هذا الذي آذاني من بين أَصحابك، والله إِني لا أَحسب فيكم أَلأَم منه ولا شرّ منزلة.

فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهذه المفارقة العجيبة وقال: هذا ابن أَخيك المغيرة بن شعبة.

فازداد غيظ عروة وكاد أَن يجن من الغضب، وقال: أَي غُدْرُ (أَي يا غادر): والله ما غسلت غدرتك بعكاظ إِلا بالأَمس وقد أَورثتنا العداوة من ثقيف إلى آخر الدهر (١)؟ .


(١) يشير عرْوة بن مسعود إلى ما ارتكبه ابن أخيه المغيرة في الجاهلية من قتل ثلاثة عشر رجلا من قومه بني مالك، فقد روى الواقدي (وهو يتحدث عن محادثات عروة في الحديبية): أن المغيرة بن شعبة (وكان شجاعًا، فاتكًا) خرج من نفر من بني مالك =

<<  <  ج: ص:  >  >>