لقد كان المنافقون بقيادة زعيمهم (عبد الله بن أبي) يرقبون (باهتمام بالغ) ما كان يجرى بين المسلمين وبين يهود بنى قينقاع وكانوا يمنون النفس بأن ينجح هؤلاء اليهود في انتقاضهم وتمردهم على المسلمين.
غير أنه أسقط في يد هؤلاء المنافقين وصعق زعيمهم لنبأ استسلام حلفائه بنى قينقاع للمسلمين دونما قيد أو شرط، ولما كان هذا المنافق الكبير (عبد الله بن أبي) يتمتع بحصانة الإسلام المنتسب إليه في الظاهر، ولما كان زعيمًا من زعماء الخزرج حلفاء بنى قينقاع فقد قدم التماسًا إلى الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - طلب فيه (باسم قومه الخزرج) أن يصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - عفوًا عامًا عن حلفائه يهود بنى قينقاع.
وقد تجاهل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الطلب، غير أنه بعد محاولات متكررة ورجاعات ملحة من عبد الله بن أبي أصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - عفوًا عامًا عن هؤلاء اليهود شريطة أن يخرجوا من المدينة إلى أي مكان شاءوا، فجلوا عنها إلى الشام آمنين على أنفسهم وعلى ما قدروا على حمله من أموال، وبجلائهم تخلصت المدينة من عنصر يعد من أخطر العناصر اليهودية في يثرب.
وبما أن قصة التماس رأس النفاق العفو عن يهود بنى قينقاع وإلحاحه إلى درجة مضايقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والإمساك بدرعه تلفت نظر العاقل إلى أي مدى يبلغ الحلم والأناة والتسامح بالنبي الأعظم إزاء من لا يهمهم