للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضًا، ويرد قولكم بعضه بعضًا، قالوا: فأَنت يا أَبا عبد شمس، فقال وأَقم لنا رأْيًا نقول به، قال .. بل أَنتم فقولوا أَسمع، وهنا تعاقب الخطباءُ للإِدلاء بآرائهم، فقال أحدهم .. نقول كاهن .. فقال الوليد .. لا والله ما هو بكاهن. لقد رأَينا الكهّان فما هو بزمزمة الكهان (١) ولا سجعه، فقالوا .. نقول مجنون .. قال: ما هو بمجنون، لقد رأَينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه، ولا تخالجه، ولا وسوسته، قالوا .. فنقول شاعر، قال ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله، رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا .. فنقول ساحر، قال .. ما هو بساحر، لقد رأَينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثهم ولا عقدهم، قالوا، فما نقول يا أبا عبد شمس؟ ؟ فقال لهم (في صراحة): والله إن لقوله لحلاوة، وإِن أَصله لعذق (٢)، وإِن فرعه لجناة، وما أَنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أَنه باطل، ثم قال لهم الوليد:

وإِن أقرب القول فيه لأَن تقولوا ساحر، جاء بقول هو سحر يفرق بين المرءِ وأَبيه، وبين المرءِ وأخيه، وبين المرءِ وزوجته، وبين المرءِ وعشيرته، وقد وافق المجتمعون علي هذا الاقتراح الذي قدمه الوليد بن المغيرة بالإِجماع.

[منظمات التشويش]

وتنفيذًا لهذا الاقتراح نظمت قريش جماعات مخصوصة كَلفتها بالمرابطة في كل سبيل يمر به القادمون إلي الحج لتذكر لهم أَمر


(١) الزمزمة، الكلام الخفي الذي لا يسمع.
(٢) العذق (بفتح أوله) النخلة: يشبهه بالنخلة التي ثبت أصلها وقوي وطاب فرعها إذا جني.

<<  <  ج: ص:  >  >>