المسلمين لتصديع وحدتهم، بإثارة النعرات الجاهلية التي قضى الإسلام عليها وأراح يثرب من شرها. وقد شكل اليهود (في حربهم هذه) مع المنافقين جبهة واحدة للتشويش على المسلمين ومحاولة تشكيك البعض منهم بغية إعادتهم إلى الكفر.
[مثال من دسائس اليهود والمنافقين]
فمن ذلك أن شاس بن قيس وهو يهودي عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين مر يومًا بنفر من أصحاب رسول الله من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون في إخوانًا متحابين فغاظهم ما رأى من أُلفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال:
قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم (إذا اجتمع ملؤها بها) من قرار، وهنا (وعلى طريقة اليهود في الدس والكيد) طلب من أحد الشباب اليهود، وكان جالسًا مع أُولئك النفر من المسلمين، وقال له. . أعهد إلى هؤلاء فاجلس معهم، ثم اذكر لهم يوم (بُعاث)(١) وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار.
وكان يوم بعاث يومًا تاريخيًا في الحروب الأهلية الطاحنة التي كانت تدور في (الجاهلية) بين الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج.
ففعل الشاب اليهودي ما أمره به زعيمه، وقد كاد هؤلاء اليهود ينجحون في مهمتهم الخبيثة، إذ ما كاد الشاب يذكر يوم بعاث،
(١) يوم بعاث يوم معركة طاحنة شهيرة دارت بين الأوس والخزرج في الجاهلية.