حتى أخذ رأس الفتنة يظهر بين الفريقين، فقد تفاخر القوم وتنازعوا حتى توترت الحالة بينهم إلى درجة أن أحد زعماء الخزرج قال لأحد زعماء الأوس متحديًا. . إن شئتم رددناها جذعة (يعني الإستعداد لإحياء الحرب الأهلية التي كانت بينهم)، فغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، موعدكم الظاهرة (والظاهرة الحرة) ثم تنادوا، السلاح السلاح، وأخذوا في التسابق للحرب إلى المكان المحدد، وكادت تنشب الحرب الأهلية بينهم، وهذا أعز أُمنيات اليهود والمنافقين.
إلا أَن الأمر بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تنشب الحرب بينهم، فسارع بالخروج إليهم فيمن معه من المهاجرين. وعمل بسرعة على إخماد نيران هذه الفتنة التي هي من صنع دسائس اليهود.
فبمجرد وصول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكان تجمعهم للحرب، وقف فيهم خطيبًا قائلًا:
"يا معشر المسلمين. الله الله. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بين قلوبكم"؟ ؟ .
وهنا عاد إلى الفريقين (الأوس والخزرج) رشدهم وأدركوا أنها نزعة من الشيطان ودس وكيد من اليهود، فاسترجعوا وبكوا، ثم عانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضًا، وعادوا راجعين إلى المدينة مع رسولهم الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إخوانًا متحابين، وبهذا حبطت مساعي اليهود الخبيثة ورد الله كيدهم في نحورهم، بعد أن كادوا ينجحوا في تفتيت وحدة المسلمين الوليدة