وفعلًا قام في بداية الملحمة بثلاث هجمات لاقتحام الشعب من ناحيته الغربية (وهي الناحية الوحيدة الصالحة لانطلاق خيله) ولكنه فشل في كل هذه الهجمات فشلًا تامًّا حيث أصلاه المرابطون في الجبل نارًا حامية من سهامهم، فارتد بخيله، لأن الخيالة لا يقدمون الخيل على النبل.
[قيام الرماة بواجبهم أول المعركة]
وهكذا قام الرماة بواجبهم في أول المعركة خير قيام، حيث صدت نبالهم الحادة كل المحاولات التي قام بها فرسان خالد بن الوليد لاقتحام فم الشعب في أول المعركة.
وظلت مؤخرة المسلمين في مأمن تحت حراسة هؤلاء الرماة الأشداء في جميع مراحل المعركة، حتى ساعة الانتكاسة وهذا يعني أن فصيلة الرماة قد ساهمت مساهمة كبرى في تحقيق النصر الذي أحرزه المسلمون ضد المشركين في أول المعركة.
[غلطة الرماة الشنيعة]
ولكن هؤلاء الرماة إذا كان ذلك شأنهم في أول المعركة، فإنهم قد تسببوا في النهاية في كارثة مروعة أضاعت كل ثمرات النصر التي أحرزها المسلمون ببسالتهم، كما تسبب هؤلاء الرماة في مصرع أكثر من ستين مسلمًا من جند المدينة، وكادوا يكونون سببًا في مقتل النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - الذي تعرض نتيجة لغلطة هؤلاء الرماة لجراحات كثيرة. وتفصيل ذلك أن هؤلاء الرماة (وعددهم خمسون) لما رأوا أن المسلمون قد كشفوا المشركين عن المعسكر وركبوا ظهورهم يقتلون ويغنمون، ورأوا لواء