إذن فالذي لا يمكن لأى باحث إلا أن يرجحه هو أن عدد ضحايا هذه المعركة الطاحنة (معركة مؤتة) من الفريقين قد بلغ المئات. . واقتصار المؤرخين على ذكر أسماء هذا العدد القليل من القتلى لا ينفى هذه الحقيقة التي لا بد من التسليم بها.
فالمؤرخون الذين تحدثوا عن هذه المعركة الطاحنة لم ينفوا جسامة الخسائر في هذه المعركة وضخامة عدد القتلى فيها. بل أثبتوا ذلك في الجملة بكل وضوح كما تقدم.
ولكنهم كمؤرخين ثقات أمناء يقدرون مسئولية ما يكتبون للأجيال التي من بعدهم لم يذكروا إلا ما أوصل الرواة إلى علمهم أسماء هذا العدد الضئيل من القتلى. الذين هم (دونما شك) أقل عشرات المرات من العدد الحقيقي لضحايا هذه المعركة الطاحنة.
وكما قلنا فإن اقتصار المؤرخين على ذكر هذا العدد القليل من شهداء المسلمين ولأقل منه من قتلى الرومان لا ينفى وجود عدد ضخم من القتلى بين الفريقين لم يتمكن أحد من إحصائهم. لذلك اكتفى المؤرخون بالإِشارة إلى ضخامة عددهم دونما إعطاء تفصيل بأعدادهم وأسمائهم، كقولهم (كما تقدم). . فكانت الهزيمة وقتل المسلمون واتبعهم المشركون -وكقولهم: - لما تولى خالد انكشف المشركون منهزمين فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم قط.
ولكن ما بين أيدينا من مصادر تاريخية لا تذكر من قتلى المسلمين سوى عدد قليل. ذكر الواقدي أنهم ثمانية فقط. وذكر ابن هشام عن ابن إسحاق أنهم اثنا عشر شهيدا. . حسب رواية الواقدي أربعة من المهاجرين. وأربعة من الأنصار. وحسب رواية ابن إسحاق. أربعة من
(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٦٤ وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١٢٩ - ١٣٠ وزاد المعاد ج ٢ ص ٢٧٦ - ٢٧٧ وإمتاع الأسماع ص ٣٤٨ - ٣٤٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٤ وما بعدها.