أحبارهم في أمره وهم (كعب بن أسد وابن صلوبا، وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس) فقال بعضهم لبعض .. إذهبوا بنا إلى محمد، لعلنا نفتنه عن دينه، فإنما هو بشر، فأتوه، فقالوا له .. يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم وأنا إن تبعناك اتبعتك يهود، ولم يخالفونا، وأن بيننا وبين بعض قومنا خصومة، أفنحاكمهم إليك فتقضى لنا عليهم، ونؤمن بك ونصدقك، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رفض هذه المساومة السخيفة وردهم خاسئين.
وقد أنزل الله في هذه المحاولة اليهودية الرخيصة:{وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}(١).
[محاولة اليهود بعث الروح الجاهلية بين القبائل]
وبالإضافة إلى إعنات الرسول - صلى الله عليه وسلم - والافتراء عليه ومحاولة تشكيك الناس في صدقه كان هؤلاء اليهود يحاولون (ما وسعهم) بث الفتنة بين أتباعه من الأوس والخزرج، والعودة بهم إلى فوضى الجاهلية بإثارة النعرات القبلية القديمة التي كانت ملتهبة بين هاتين القبيلتين، والتي قام عليها الوجود اليهودى واستقر في يثرب، وهدفهم من هذا أن تفشل الدعوة الإسلامية في جمع كلمة العرب فيتهاوى بنيان النظام الوليد الجديد.