للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرجفون في جيش الإِسلام

كان في الجيش النبوي ألفان من أهل مكة، الكثير منهم أسلموا ولمَّا يدخل الإِيمان في قلوبهم، وكان خروجهم مع الجيش النبوي لا للقتال في جانب الإِسلام ضد الوثنية، وإنما للحصول على حصتهم في الغنيمة عندما يتم النصر للمسلمين.

هذه العناصر من أهل مكة لما رأت انهزام المسلمين ورأت فرسان هوازن الوثنية تطاردهم، ظهر ما كانت تبطن هذه وتفوهت بكلام يدل على فرحتها بهزيمة الجيش النبوي وتشفيها منه ..

فقد قال ابن إسحاق: ولما انهزم الناس تكلم رجال من جفاة الأعراب بما في أنفسهم من الضِّغن، فقال أبو سفيان بن حرب (وهو حديث عهد بالإِسلام لم يمر على إسلامه أكثر من عشرين يومًا): لا تنتهي هزيمتهم حتى البحر (١).

وصرخ كلدة بن الحنبل (وهو مع أخيه لأمه صفوان بن أمية وصفوان مشرك في المدة التي جعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ضمن الجيش النبوي) ألا بطل السحر اليوم. فقال له صفوان بن أمية: اسكت فض الله فاك، فوالله لئن يَربُّنى (٢) رجل من قريش أحب إلى من أن يربُّنى رجل من هوازن (٣).

وفي مغازي الواقدي أن كلدة بن حنبل قال لصفوان بن أمية -ساعة اندحار المسلمين-: أبشر أبا وهب، هُزم محمد وأصحابه. فقال له صفوان (زاجرًا): إن ربًا من قريش أحب إليَّ من ربّ من هوازن إن كنت مربوبًا .. قال هذا الكلام صفوان وهو لا يزال مشركًا. وقد أسلم وحسن إسلامه وكان عاقلًا شديد الإِنصاف، وقد استشهد في حروب الجهاد في الشام.

[محاولة اغتيال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ساعة الهزيمة]

وفي تلك اللحظات من ساعات المصير التي شرع المسلمون فيها في


(١) مما لا جدال ولا خلاف فيه بين أهل الحديث والسير أن أبا سفيان ممن حسن إسلامه وهو عدل صحابى ثقة عند جميع أئمة الحديث.
(٢) يربنى: معناه يحكمنى، حيث أن العرب تُطلق على الحاكم أحيانًا اسم الرب.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>