المسلمين انقضاضة رجل واحد وقصفتها بسيل من السهام وهاجمتها بمختلف الأسلحة من مختلف الجهات, ولم تكن كمائن هوازن من المشاة فقط، بل إن هناك كمائن من الخيل أيضًا اشتركت وقت عماية الصبح في مهاجمة المسلمين حيث كانت هذه الكمائن الهوازنية ترابط في فجاج الشعاب والوديان الصغيرة الرافدة إلى حنين.
وعندما تعرضت مقدمة الجيش النبوي لذلك الهجوم المفاجئ الصاعق من الكمائن انهزمت كلها واتجهت هاربة نحو مكة دون أن تشهر سيفًا أو تشرع رمحًا أو تطلق سهمًا.
وأحدث تراجع مقدمة جيش الإسلام وفرارها الفوضى الشاملة والارتباك الكامل داخل صفوف الجيش النبوي الذي فقد تنظيمه تمامًا، وصارت خيل المسلمين المنهزمة تحطم مَن أمامها وتدوسه من جند المسلمين، وظن الكثير أنها الهزيمة التي لن تقوم للمسلمين بعدها قائمة، وأخذت كتائب الجيش النبوي تتدفق وكأنها السيل الجارف -لا إلى المعركة للقتال- وإنما فرارًا نحو مكة. وشرعت قوات هوازن في مطارة المسلمين الذين لم يباشروا أي قتال بعد لأنهم فروا فور تعرضهم لهجوم الكمائن الصاعق.
كان موقفًا عصيبًا وامتحانًا شديدًا لم تتعرض القيادة الإسلامية العليا لمثله في تاريخ حروبها ضد الوثنية وحتى في يوم أُحد. لأن المسلمين انهزموا ذلك اليوم بعد أن سجلوا نصرًا رائعًا على المشركين في المرحلة الأولى من المعركة.
أما في يوم حنين فإن جيوش الإسلام تمزقت وولت الآلاف المؤلفة من المشاة والفرسان هاربة لا تلوى على شيء، ولو استمر الوضع على ما كان عليه عند الصدمة الأولى لأبيد أكثر الجيش الإِسلامي ولسقطت مكة نفسها في أيدى المشركين من هوازن الذين يبلغ تعداد قواتهم عشرين ألفًا كانوا قادرين على اجتياح مكة في أقل من ساعتين، ولكن الله غالب على أمره فقد كان ثبات النبي - صلى الله عليه وسلم - ومائة (فقط) من خلصاء أصحابه عاملًا حاسمًا في تغيير مجرى تلك الأحداث الخطيرة لصالح الإِسلام.