بشَّره بها نبيّه:"فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجًا ومخرجًا"، وفعلًا لم تمض سنة على مأْساة أبي جندل المؤلمة في الحديبية حتى كتب الخلاص له ولسبعين من إخوته الشباب في مكة، إذ تمكنُّوا (وبصورة لا يدري أحد كيف تمت) من الهرب من سجون الشرك في مكة، وكونوا لهم تجمعًا ثوريًا إسلاميًا في الساحل على طريق قوافل المشركين بين مكة والشام، كما سيأتي تفصيله في هذا الكتاب إن شاء الله.
[ازدياد الكرب على المسلمين]
وبعد أن أعاد النبہي - صلى الله عليه وسلم - أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو تزايد ضغط الكرب والهمّ والغہمّ على نفوس المسلمين حتى كادوا يهہلكون.
وقد بلغ الألم النفسي بالمسلمين (للحالة المؤلمة التي عاد عليها أبو جندل إلى معتقل الشرك ومناخ الكفر) إلى درجة أنهم صاروا يبكون توَّجعًا لما حلَّ بأبي جندل، الشاب الطيب المثالي المسلم، الذي أخذه أبوه المشرك الفظّ يجره في وحشية وقسوة أَمامهم دون أن يقوموا بأيِّ عمل لإنقاذه، مع قدرتهم التامة على ذلك.
[سهيل بن عمرو يرفض شفاعة الرسول في ابنه]
وكان الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بعد أن سلَّم بحق سهيل بن عمرو في اعتقال ابنه ووافق على تسليمه - طلب من سهيل أن يتركهـ له، ويتنازل عن حقه في اعتقاله، لا سيما أنه جاء بمحض اختياره راغبًا في الالتحاق بالمسلمين، ولكن سهيلًا رفض هذا الطلب، وأصرّ على استعادته فكان له ما أراد لأَن ذلك حق له كفلته شروط الصلح.