للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة وصاروا يحملون على الإبل كل ما يقدرون على حمله، حتى إن أحدهم صار يعمد إلى عتبة باب داره فيخلعها ثم يضعها على ظهر البعير فينطلق.

وكان يهود بنى النضير من أكثر أهل المدينة ثراء، وقد أوقروا ستمائة بعير من الأموال التي قدروا على حملها، وكانوا (بالطبع) يتخيرون في النقل ما خف حمله وغلا ثمنه، فحملوا معهم كميات هائلة من الذهب والفضة، حتى إن سلام بن أبي الحقيق وحده (كما يقول صاحب السيرة الحلبية) حمل معه جلد ثور مملوءًا ذهبًا وفضة، وكان عند خروجه من المدينة يضرب بيده على هذا الجلد المملوء بالذهب والفضة وهو يقول مخاطبًا المسلمين (في حنق يشبه التهديد): هذا الذي أعددناه لرفع الأرض وخفضها وإن كنا تركنا نخلًا، ففي خيبر النخل (١).

وكان اليهود عند مغادرتهم المدينة يعمدون إلى سُقف بيوتهم وعمدها وجدرانها فينقضونها لئلا يستفيد منها المسلمون، وهذا الذي عناه الله تعالى بقوله في هؤلاء اليهود، في سورة الحشر: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيدِيهِمْ}.

[مظاهرة اليهود عند الجلاء]

وقد أظهر يهود بنى النضير التجلد عند جلائهم، فخرجوا من


(١) وهذا القول يدل بوضوح على أن اليهود كانوا (منذ أقدم العصور) يستغلون ثراءهم الواسع لإثارة القلاقل وإشعال الحروب، ويحاولون الوصول (دائما) إلى أغراضهم عن طريق سيطرتهم المالية كما هو مشاهد منهم اليوم حيث يعبثون (عن طريق الذهب) بكثير من ساسة العالم فيسخرونهم في سبيل أطماعهم السياسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>